كيف يؤثر “الخوف من الخسارة” على قراراتنا المالية وكيف تستغله الشركات؟
تعرف على كيفية تجنب الوقوع في فخ الخوف من الخسارة وتأثيره على قراراتك الاستثمارية، مع نصائح عملية لتحسين استراتيجياتك المالية.

فلنفترض أنه قبل عام تقريبا قررت الاستثمار في الأسهم. بدأت بدراسة أنشطة عدة شركات في قطاعات مختلفة، وتحليل أسسها المالية وآفاقها المستقبلية. وفي النهاية، استقر قرارك على شركة للأسمدة كان سعر سهمها 100 دولار، وقدرتها المستقبلية كانت واعدة بسبب عدة عوامل، منها حصولها على الغاز المدعوم من الحكومة وغياب المنافسة الكبيرة، بالإضافة إلى فرض الحكومة قيودا على استيراد الأسمدة من الخارج، ما يجعل الطلب المحلي والدولي مرتفعا.
اعتمادا على هذه المعلومات، قررت استثمار أموالك وشراء الأسهم. مع مرور الوقت، ارتفع سعر السهم ليتجاوز 150 دولار، ولكن فجأة انخفض بشكل حاد ووصل مؤخرا إلى 50 دولارا، وهو نصف السعر الذي اشتريت به السهم. بالتحقيق في أسباب هذا الانهيار، تجد أن أساسيات النمو للشركة قد تدهورت. فالحكومة ألغت دعم الغاز، مما زاد التكاليف بشكل كبير، كما تمت إزالة القيود على استيراد الأسمدة وظهر منافس جديد مدعوم بمؤسسات قوية. بالإضافة إلى ذلك، بدأت شائعات عن استغلال المدير التنفيذي لأموال الشركة لأغراض شخصية.
ما الحل إذا؟
أمامك الآن خياران: إما أن تبيع السهم وتخرج ببقية أموالك، أو تستمر في الاحتفاظ به على أمل أن يعود السعر للارتفاع. المفاجأة هي أن معظم الأشخاص غير المحترفين في السوق يفضلون الخيار الثاني، أي الاحتفاظ بالسهم أملا في تعويض الخسارة.
ولكن لماذا يختار الناس هذا القرار؟ هنا يظهر مفهوم “الخوف من الخسارة”، وهو من أهم الأسباب التي تجعل الناس يرتكبون هذا الخطأ. هذا المفهوم تم اكتشافه من قبل الاقتصاديين السلوكيين ويشرح كيف يؤثر على قراراتنا المالية اليومية.
ما هو مفهوم “الخوف من الخسارة”؟
“الخوف من الخسارة” يشير إلى تلك الحالة النفسية التي تجعل الإنسان يفضل تجنب الخسارة بدلا من السعي لتحقيق مكاسب مكافئة. بمعنى آخر، الشعور بالألم الناتج عن الخسارة يكون أكثر حدة بمرتين من الشعور بالسعادة عند تحقيق مكسب بنفس القيمة. فعلى سبيل المثال، إذا فقدت 100 دولار، فإن الألم الذي ستشعر به سيكون أكثر من السعادة التي كنت ستشعر بها إذا وجدت 100 دولار.
تأثير الخوف من الخسارة على الاستثمار
بالعودة إلى مثال شركة الأسمدة، صاحب السهم يشعر بأن الخسارة لم تحدث بعد طالما أنه لم يبع السهم. بعبارة أخرى، تجنبه للشعور بالألم النفسي الناتج عن بيع السهم يجعله يحتفظ بالاستثمار لفترة أطول مما ينبغي. هذه الحالة تجعل المستثمرين يرتكبون أخطاء شائعة مثل “بيع الأسهم الرابحة والاحتفاظ بالأسهم الخاسرة”. الخوف من الخسارة يعيق اتخاذ القرارات السليمة، مما يزيد من حجم الخسائر على المدى الطويل.
كيف تستغل الشركات الخوف من الخسارة في التسويق؟
الشركات الذكية تعرف كيف تستغل هذا الخوف لجذب العملاء. فبدلا من تقديم عروض توضح المكاسب، تقوم بتسليط الضوء على الخسائر المحتملة إذا لم يستفيد العميل من العرض. على سبيل المثال، في دراسة لتحفيز أصحاب المنازل على تقليل استهلاك الطاقة، تبين أن الرسائل التي ركزت على الخسارة مثل “إذا لم تقم بعزل منزلك ستفقد 50 سنتا يوميا” كانت أكثر فعالية بنسبة 150% من الرسائل التي ركزت على المكاسب.
العواطف التي تؤثر على قراراتكم المالية
نصيحتي لكم اليوم هي أن تكونوا دائما على دراية بالعواطف التي تؤثر على قراراتكم المالية. فقبل أن تتخذوا أي قرار استثماري، من الضروري أن تراجعوا وتفكروا بعقلانية، وتحاولوا الابتعاد عن الانفعالات، سواء كانت الخوف من الخسارة أو التسرع في اتخاذ القرار لتحقيق الربح السريع. استراتيجيات الاستثمار الناجحة تعتمد على الصبر والتحليل الدقيق، وليس على ردود الفعل العاطفية. ضعوا دائما خطة واضحة واحتفظوا بالثبات أمام التقلبات، فهذا هو سر النجاح على المدى الطويل.
الخاتمة
الخوف من الخسارة ليس فقط من أكبر الأخطاء التي يقع فيها الأفراد عند اتخاذ قراراتهم المالية، بل هو أيضا أداة تسويقية قوية تستخدمها الشركات لجذب العملاء. فمن الضروري أن ندرك تأثيره على قراراتنا وأن نتعلم كيف نستخدمه لصالحنا سواء في حياتنا المالية أو في استراتيجياتنا التسويقية.
تابع القرائة:
- أفضل 16 طريقة لتنظيف وتسريع الكمبيوتر بدون برنامج لويندوز 7، 8، 10، 11
- أسرار نجاح صُنّاع المحتوى المشهورين على الانترنت
- التسجيل بالمراحل في RNP و RSU للاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر